لا أحد من بلاستيك , الجميع من طين ..

.
.
أربعينة ، مستدقة الدقن ، وشعرها أحمر ملفوف لا تكاد ترى فيه أي تمرد .. ولا حتى شعرة واحده .. كأنه هو الأخر يخاف من صرامتها .. ” المرأة البلاستيكية ” هكذا يلقبها مرؤسوها ورئيسها في العمل أيضًا.. سبب التسمية جلي .. هي لا تبكي حزنًا او فرحًا أو حتى غضبًا لا تقفز لا تعقد حاجيبهالا تصرخ .. نصف ابتسامة مائلة هو تعبيرها اليتيم وقت الفرح الذي ينحصر عندها في ” النجاح ” و وقت الحزن الذي ينحصر عندها في ” الفشل ” .
الجميع كان يستغرب أين تذهب بكم التوتر الذي يولده العمل لعشر ساعات في اليوم ! 
متنفسها الوحيد نوعية معينة وقديمة من شامبو الشعر .. شامبو البنفسج تعويذتها الذي تقول أنه بسحره يستطيع أن يُرخي كل عضلة فيها .. لكن زوجها كان يكره رائحته لدرجة تجعله يغادر المكان .. ظلت تشتريه و تحتفظ به للأيام السيئة التي لا تكترث فيها حتى لزوجها ، 
اليوم كان إحداها .. دخلت البيت بذات الخطوات المتزنة .. ارسلت للخادمة ذات الابتسامة المائلة .. أخرجت الشامبو من درج التسريحة الأخير ..وأخذت تستحم حتى أنهت ما يزيد على نصف العلبة .. كان زوجها على السرير يقرأ جريدة الأحد الماضي .. ظلت واقفة تنتظر منه أن يأخذ والوسادة والغطاء ويخرج لينام في الصالة كما يفعل كل مرة تستخدم هذا النوع .. لكنها تفاجأت أنه ظل في مكانه .. أعاد الجريدة ، طلب منها أن تغلق النور ووضع رأسه .. اضجعت هي الأخرى وابتسمت بمليء مافيها كانت تقول لنفسها .. إنه قلق .. قلق علي .
التفت اليه .. سألته : جمال .. ما بك ؟
نهض بقوة وكأنه كان ينتظرها أن تحركه .. بدأ يشتم ويلعن ويذكر أسماءً لم تميزها .. كانت تمتص غضبه بإيمائتها المتكررة .. وتربت على ركبته كأنه طفلها .. أخرج كل مافيه ثم هدأ .. تغير وجهه فجأة : جليلة كم مرة قلت لكِ لا أحب هذه الرائحة ؟!.. جر الغطاء وخرج .. تركها بعينين متسعتين وقلبٍ ينتظره أن يسألها :وأنتِ ؟
أن يسألها فقط .

9 رأي حول “لا أحد من بلاستيك , الجميع من طين ..”

  1. =”””

    يا بدعه آآآععع
    لا أحد من بلاستيك .. لا أحد لا يحتاج لـ ” وشفيك ؟ ” مابين حينٍ و آخر !

  2. مؤلم شعور الفقدان لهذا النوع من السؤال..
    والأكثر إيلاماً ، هو عدم إدراك هذا الفقدان أصلاً .. !

    أعجبتني القصة منيرة 🙂

  3. Toot: صح ..”وشفيك” تربيتة لينة على الكتف .. حتى لو تهربنا من الاجابة ” وشفيك ” تشفي !
    شكرًا كبيرة ()
    .
    .
    رشا : صدقتِ .. وسرني مروركِ كثيرًا وممتنة للإطراء (f)
    .
    .
    نهى : تعلمين .. أدرجتها وثقتي بها ضئيلة جدًا .. لكن مجرد تعقيبك رفع من اسهمها عندي .. أنتِ سحر !
     

  4. أهلاً الاء .. محاولةٌ أولى في القصة -بمزاجي استثنيت تجربة كانت قبل سنتين ربما:p- لذلك أحتاج للتوجيه والتصويب والنقد .. شكرًا كثيرًا كثيرًا الاء الطيبة ()

  5. مؤلم حقيقة معاملته لها 😦

    قصة قصيرة في قمة الجمال

    أستمري متأكدة الأيام حبلى بالروائع التي ستبهريننا بها

    سعدت بكوني هنا

  6. العازفة : شكرًا يا جميلة (L)
    .
    .
    نوفه : ليس هو فقط .. كل مجتمعها ، بعض الأشخاص يرسم لنفسه صورة ما، نصدقها نحن ونأطرهم فيها ، ومع الأيام ننسى أننا من ذات الطينة!
    ممتنة لهذا التشجيع .. وسعيدة أيضًا ،كوني هنا دائمًا .

أضف تعليق